مقالات

كيف نقنص أفكارنا؟

غدير هوساوي


حجم الخط-+=

 

 

 

الآلية التي تعمل بها الأفكار

 

تؤمن “إليزابيث غلبرت” أن ما يسكن كوكبنا جنبًا إلى الحيوانات، والنباتات، والبكتيريا والفيروسات. كينونات أخرى تسمى الأفكار. وهي تملك طريقتها في الإتيان إلى عالمنا بالاتحاد مع شريك بشري. تبدأ أولًا بالحوم حولنا وهنا يتولد لدينا خياران إمّا أن نتجاهلها أو أنها تقنعنا ونتبناها. في حال لم تناسبنا الفكرة تقول إليزابيث أننا لا بد وأن نكون متعاطفين معها ونحن نرفضها لأننا لا نريد لسمعتنا في الكوكب أن تكون سيئة.

 

ولكن أرى أن الأمر لا يقتصر على عثورها علينا وحسب علينا أن نبحث عنها أيضًا. نرغب كلنا في فترة ما خلال حياتنا العمل على مشروع ما في أي مجال. ولأننا نحتاج فكرة ننطلق منها نبدأ غالبًا بجلسة عصف ذهني، وأحيانًا لا نخرج منها بشيء ملهم. لكن من المهم في الأمور الإبداعية على وجه الخصوص أن تتوافر لدينا تغذية مستمرّة لأنفسنا، أي نزيد من مصادر إلهامنا بالتعرض إلى الجماليات من حولنا لنكون قادرين على اقتناص أفكارنا بشكل أفضل. مع ذلك ليس كل فكرة نقتنصها يناسبنا العمل معها. بما أنها كينونة بحسب إليزابيث فإنها عندما لا تلائمنا ونفقد اهتمامنا بها ثم نتخلّى عنها هي لا تموت نحن -بشكل عجائبي- نرسلها لمن يستحقها ليخرجها بصورة أفضل.

 

الأفكار لا تخصنا وحدنا

 

قرأت موضوعًا يقول: أنك حينما تفكّر بفكرة يوجد ستة إلى ثمانية أشخاص حول العالم يفكرون معك بالفكرة ذاتها. لكنها ليست مشكلة فالقليل يشرع بالعمل عليها؛ لذلك لا ملكية على الأفكار، نحن أصلًا نستقي أفكارنا من العوالم الخارجيّة ومجموعة من التراكمات التي نتعرّض لها خلال حياتنا لذا لا توجد حقوق ملكية على الفكرة مجردة ما لم نميزها نحن بالإضافة عليها وجعلها تخصّنا.

 

كيف يتعامل الكاتب مع أفكاره؟ 

 

جزء كبير من الالتحام مع الفكرة وإتمام العمل عليها يكون بحب الفكرة نفسها. ينتهج كثير من الكتّاب طريقة تدوين الفكرة ثم محاولة التخليّ عنها لفترة وإن استمرت الفكرة تُلح فإنهم يجدونها مناسبة ليعملوا عليها. في حين يستقبل آخرون كل فكرة تخطر لهم. لكنها طريقة مشتتة خصوصًا إن كان الكاتب يترك مسودته التي يعمل عليها ويتنقل من فكرة لأخرى فينتهي المطاف بألّا يتم أي فكرة منها. يشارك آخرون أفكارهم ويعرضونها للنقاش، يضع هذا الخيار أفكارنا أمام محاكمة بكونها تصلح أو لا. أحيانًا لا يكون شرح الفكرة المجردة واضحًا للطرف الآخر كما نتخيّلها نحن في رأسنا ولكن أيًا كانت النصيحة التي نتلقاها علينا أن نكون مقتنعين برغبتنا بالعمل عليها أو لا بعد أن يشرح الطرف الآخر أسبابه في تأييدها أو رفضها.

 

كيف نغذي منابعنا؟ 

 

التأمل في المواقف التي تحدث لنا خلال اليوم وسيلة فعّالة تذكر الكاتبة جيه. آر. بالاسيو صاحبة  رواية “أعجوبة” أنها استلهمت فكرتها من موقف حصل لها أثناء تسوقها مع أطفالها حين رأت طفلًا مشوّه الوجه إن صح التعبير يعاني من متلازمة “تريتشر كولينز” خلل تعظم الوجه والفك فكتبت قصتها. يتحدث كثيرون أيضًا عن تجربة السفر وحيدين خصوصًا إن كان سفرًا بغرض الاسترخاء فهو يعزلنا جزئيًا عمّا كان يشغل بالنا وبالتالي نصبح في حالة تسمح لنا بالتعاطي مع أنفسنا وأفكارنا. لسنا كلنا نملك القدرة على السفر إلى مناطق بعيدة، لكن أجد خيار التمشية خارجًا على الأقدام في وجهة غير محددة من شأنها أن تغذينا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى