محتوى مترجممقالات

غريزة رواية القصة

ترجمة: علي صريح عبد الواجب


حجم الخط-+=

 

“ملحمة التجربة الأنثوية، التي خضعت، بشكها ونارها وقوتها الحكيمة، للفحص الدقيق للحضارة المنقسمة”

نسجت دوريس ليسينغ (1919-2013) في قصصها مواضيع عدة مثل استكشاف الفضاء والهجرة وتغير المناخ والتفكك الاجتماعي في روايات مدهشة.حاصلة على جائزة نوبل في الأدب لعام 2007 الممنوحة من الأكاديمية السويدية. ولدت لأبوين بريطانيين في إيران حيث عاشت حتى عام 1925 ثم انتقلت عائلتها إلى رود يسيا الجنوبية (زيمبابوي حاليًا).

 

 

مقتطفات من كتاباتها:

غريزة رواية القصة

يمكث الروائي في أعماق كل واحد منا، وهو شخصية دائمة الحضور. لنفترض أن العالم قد تدمرَ بسبب الحرب، سهل أن نتخيل حجم الرعب الذي سيصيبنا. لنتخيل أن الفيضانات اجتاحت مدننا والبحار ارتفعت. لكن الروائي فينا سيبقى، لأن مخيلتنا تشكلنا، تبقينا، ثم تخلقنا. في السراء والضراء …

قصصنا هي التي ستعيد خلقنا ، عندما نتعرض للتمزق ، والأذى، وحتى الدمار. إن الراوي، صانع الأحلام، مخترع الأساطير، هو طائر العنقاء الذي يمثلنا في أفضل حالاتنا، وفي أكثر حالاتنا إبداعًا.

نبذة عن حياتها:

من المنزل الحجري القديم الذي ولدت فيه كانت مناظر الجبال المغطاة بالثلج والأراضي المسطحة المغبرة ممتدة تحاصر المدينة الصغيرة. كانَ مكان شديد الجفاف. شاركنا السكن في منزلنا، شاب أمريكي يعمل بالنفط، كان هناك الكثير من عمال النفط حولنا في ذلك الوقت. هكذا عَرَّفت الأيام القادمة عن نفسها ما زلت أتذكر صوته الأمريكي، لكن ربما غطت المئات من الأصوات الأمريكية على صوته في ذاكرتي.

بعض الذكريات تستحق أن يحتفى بها، أن نتمسك بها، نتذكرها مرارًا وتكرارًا. إذا أردت أن أعرف تجربة الطفولة، استرجعت بذكرياتي إلى ركوبي البطيء والعسير على ظهر حصان أبي، الذي كان أبي وحده يعرف أن يسيطر عليه ببراعة شديدة. رائحة الحصان وحدها، أشبه بسعادة مُسكرة. هذه أفضل ذكرياتي في العامين الأولين من حياتي، تجلب رائحة حصان والدي، روائح الطفولة كلها، تلك التي في البازار، الرائحة الحارة الدافئة، والصيحات والأوامر في لغة أخرى.

 

 

تمثل لي السنوات الثلاث في طهران معرضًا للذكريات. حيث يؤخذ الصغار لمشاهدة البدر والنجوم، تحدثت مع القمر والنجوم، بكل ثقة طفلة صغيرة، لكني عندما أصبحت مراهقة، وتحت سماء أخرى، ونجوم أخرى، بل وحتى قمر أخر. صرخ أبي بوجهي:

“كنت طفلة لطيفة، نطقك الطفولي لكلمة القمر، والنجوم، لكن انظري لنفسك الآن، من يصدق أنك كنت بذاك اللطف”

فهمت وجهة نظره، نعم، لكني غادرت المنزل في ذلك الوقت تقريبًا، ذات خمسة عشر عامًا أو ما يقاربها. وبعدَ ذلك أتت الحرب، فتزوجت لأن هذا ما يحدث في الحروب ولمدة ثلاث سنوات كنت أكثر سيدة بيضاء تقليدية تقوم بكل مهام المنزل ببراعة، الطبخ وغسيل الملابس وكنت قد انجبت حينها طفلان. اكتشفتُ كيف أننا قادرون على التقبل والاعتياد. كرهت هذهِ الحياة وهذا المجتمع كيف أن مائة ألف من البيض يقودون نصف مليون من السود في روديسيا الجنوبية القديمة. انفصلت عن هذا الزواج وتزوجت بعده لاجئًا ألماني وانجبتُ منهُ طفلاً.

 

في أغلب مراحل حياتي ككاتبة كان لديَّ طفل يجب أن أعتني بهِ وكما نعلم جميعاً أن حياة الكاتب أفضل بدون أطفال ولكن هذا لا يعني انني كنتُ أريد أن أتخلى عن الطفل وحتى في مراحل أخرى من حياتي أضفت الأطفال والشباب في القصص دون حاجة القصة لذلك كما هو الحال في كتابي The Sweetest Dream.
لكن القصة الحقيقية للحياة موجودة في سجل الذكريات أو الأحلام.. وأين أبدأ أم أنتهي؟ ظننت أنني سأكتب سيرتي الذاتية من أحلامي لكن محاولاتي الفاشلة انتهى بها المطاف كمذكرات لأحد الناجين.
أنقذتني الأحلام.. أنقذتني عندما كنت عالقة في قصة أو رواية ما.

 

تدقيق: منى نايف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
1886